هل يمكن للأجهزة القابلة للارتداء أن تتنبأ بنوبات القلق والتوتر؟

 في عالم يزداد فيه التوتر والضغط النفسي، باتت الحاجة إلى أدوات تكنولوجية تساعد الأفراد على فهم صحتهم النفسية أكبر من أي وقت مضى. اليوم، لم تعد الأجهزة القابلة للارتداء تقتصر على تتبع النشاط البدني والنوم، بل دخلت مجالًا جديدًا أكثر عمقًا: رصد الحالة النفسية والتنبؤ بنوبات القلق والتوتر.

صورة رقمية توضح سوارًا ذكيًا متطورًا يقيس مؤشرات حيوية مثل معدل ضربات القلب وتوصيل الجلد الكهربائي، للكشف المبكر عن نوبات القلق باستخدام الذكاء الاصطناعي


فهل يمكن فعلاً لهذه الأجهزة أن تحلل مشاعرنا وتتوقع لحظات الضعف النفسي قبل حدوثها؟ هذا ما سنكتشفه في هذا المقال.


كيف تعمل الأجهزة القابلة للارتداء في مراقبة الحالة النفسية؟

تعتمد الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية، الأساور، والخواتم الذكية على مجموعة من المستشعرات التي تراقب:

  • معدل ضربات القلب (HRV)

  • التنفس

  • مستوى الأوكسجين في الدم

  • نشاط الجلد الكهربائي (EDA)، وهو مؤشر حساس للتوتر والقلق

  • أنماط النوم والحركة

باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة (Big Data)، يمكن لهذه الأجهزة اكتشاف الأنماط غير الطبيعية في الجسم والتي قد تشير إلى بداية حالة من التوتر أو نوبة قلق وشيكة.


أمثلة على أجهزة تتنبأ بنوبات القلق والتوتر

1. Fitbit Sense

من أولى الساعات الذكية التي قدمت مستشعرًا خاصًا بقياس نشاط الجلد الكهربائي (EDA)، مع مراقبة دائمة للتنفس ونبض القلب.

2. Apple Watch Series 9

تستخدم Apple Watch تقنيات تعلم الآلة لرصد تغيرات السلوك والنوم ونبض القلب، وتقدم تقارير دورية عن "الاستقرار العاطفي" للمستخدم.

3. Oura Ring

خاتم ذكي يوفر تحليلًا دقيقًا لنوم المستخدم، معدل ضربات القلب، والاستجابة الفسيولوجية للتوتر على مدار اليوم.


هل يمكن للأجهزة التنبؤ بدقة؟

رغم أن هذه الأجهزة ليست بديلة عن الطبيب النفسي، إلا أنها أظهرت قدرة لافتة في التنبؤ بتغيرات الحالة النفسية. على سبيل المثال:

  • انخفاض معدل HRV بشكل مفاجئ

  • اضطرابات في النوم دون أسباب واضحة

  • تغير نمط التنفس خلال فترات الراحة

كلها مؤشرات يمكن للأجهزة تحليلها وإرسال تنبيهات تنذر المستخدم بأنه قد يمر بفترة توتر شديدة أو نوبة قلق.


أهمية هذه التقنية في الوقاية المبكرة

واحدة من أبرز فوائد هذا النوع من التتبع هو الوقاية المبكرة، حيث يمكن:

  • تنبيه المستخدم لأخذ استراحة

  • اقتراح تمارين تنفس أو تأمل

  • تذكير المستخدم بالنوم أو تناول الماء

  • تحفيز التواصل مع مختص نفسي في الوقت المناسب


هل هذه البيانات آمنة؟

نظرًا لحساسية البيانات النفسية، فإن حماية الخصوصية أمر بالغ الأهمية. معظم الشركات الكبرى توفر تشفيرًا كاملاً للبيانات، ولكن لا بد من التأكد من مراجعة سياسة الخصوصية لأي جهاز يتم استخدامه.


التحديات التي تواجه هذه التقنية

رغم التقدم الكبير، إلا أن هناك بعض التحديات:

  • الاعتماد الزائد على الخوارزميات، التي قد لا تفسر دائمًا المشاعر البشرية بدقة

  • احتمالية الإنذارات الكاذبة

  • الاختلافات البيولوجية بين الأشخاص تؤثر في دقة القياسات


الخلاصة: هل المستقبل واعد؟

الإجابة نعم. الأجهزة القابلة للارتداء أصبحت أدوات مساعدة حقيقية في فهم الصحة النفسية. ومع تطور الذكاء الاصطناعي، قد نرى مستقبلًا تستطيع فيه هذه الأجهزة ليس فقط التنبؤ بنوبات القلق بل أيضًا مساعدتنا على تجاوزها بفعالية.

لكنها ستظل مكملة، وليست بديلة، عن التواصل الإنساني والرعاية النفسية المتخصصة.

تعليقات